|

مجلة نبضات عربية مجلة نبضات عربية
قسم نشاطات مجلة نبضات عربية

آخر الأخبار

قسم نشاطات مجلة نبضات عربية
randomposts
جاري التحميل ...
randomposts

تنسيق وتعديل المدونة الكاتبة كريمة بوعريشة

سندريلا الإحساس

قصة زينب الخطاطة بقلم الأستاذ إبراهيم عمار شتاء 2017

القصة الحاصلة  على جائزة مؤسسة هبة بنداى للقصة القصيرة 2019
"رحّال وسفرك كثيرياولد"
هكذا قالتها بلكنتها العرباوية منذ عشرسنوات، وأنا أجلس أمامها كعادتي، ترمي بنويات البلح الست، وقد خطت بسبابتها اليمنى على تراب الأرض طولا وعرضا ، تحدد مسار كل نواة وتقرأ كتابا ما بين الخطين،  تنكس النواة التى جاءت مُدبرة بثلاث خبطات على دبرها، بينما تقبل النواة التى اعتلت الأخرى ، فهى النصرة والفرج، تحدد بسباتها المسافات وعدد النقاط بين كل نواة وأخرى ،  قد يعتلى ذكر نواة فوق ثلاث، تلمسه بسبابها الأيمن وتحدد موقعه فى الدائرة وتسأل، بكلمات بسيطة مختصرة ، تبشر وتنفر وتستعيذ بالله فى كل خطوة من شيطان مرتقب.
تشعرأنها تقرأ خطواتك من كتاب الأرض المنقوش بنواياتها ، لاتدخل أى بيت ويقولون إن البيت الذى تدخله مبروك، من هنا اكتسبت حب الناس وثقتهم من صدقها وحفظها لأسرارهم وحاجتهم لهتك ستار الغيب رغبتهم فى جرعة الأمل.
كنت وقتها فى السنة الأولى بالجامعة ، والتى جاءت طبقا للتنسيق فى محافظتي، فلم أكن أستغرق من الوقت ساعة تقريبا ما بين قريتى الصغيرة المتاخمة للجبل فى أقصى صعيد مصر وجامعة جنوب الوادي ، كنت كلما تذكرت كلماتها يداخلني شك كبير فى أنها تمارس نوعا من الدجل ، فلو كان كلامها صادقا لكنت الآن فى كلية خارج هذه المحافظة كما كنت أرغب ، كتبت فى رغباتى جميع جامعات مصر حتى استنفذتها، وذيلت رغباتى كرها بوجودي هنا، كنت أمنى النفس بقولها حتى جاءني جواب التنسيق، فأيقنت أننى سأموت هنا.
كل يوم أمارس عادتي وطقوسي الحياتية ، ما بين البيت والأرض والمذاكرة وزيارة الأقارب والنوم، كانت فرصة الرحيل والسفر والتغيير، خذلنى مكتب التنسيق وكذبت علي زينب الخطاطة، فقد كانت نبوءتها كفيلة بإقناع أمي برحيل وحيدها إلى مدينة أكبر وأوسع فى بحري، لكنها برغم الثقة الكبيرة التى تحظى بها من كل القرية ، خيبت معي، فلم تصدقني، وربما كما يقولون عنها تمارس نوعا من تجريب الحظ صابت أم خابت ، لكنني كثيرا ما أراجع نفسي، فهى من تنبأت لوالدي الذى كان قد بلغ الستين بقدومي، حتى قبل أن يفكر فى زواجه الثانى من والدتي، تلك الفتاة القروية الصغيرة البسيطة ابنة فقي القرية :
"سيكون لك ولد ياحاج حسين من بطن غير البطن"
سمعتُ منها شخصيا أن أبي وعدها بحمل جمل من فول وعدس وقمح يرسله لها فى نجع العكرمي إن صح كلامها ، وقد كان،،،
فقالت لى : صار يوم مولدك عيدا للنجع فقد أكلوا منه أسبوعا لم ينته.
" كوني  له أما وأبا فقد قضي الأمر "
تذكر والدتي وهى تردد قولها بنهاية الأيام السعيدة وانكسار عامود الخيمة وانحناء الظهر فقالت لها توصيها بي وتخفف عنها آلامها، فربما تكون وقع المصيبة أخف لو توقعها الشخص منا، فيكون مستعدا لها ومتوقعا حدوثها فيُسلم بها كواقع محتوم، لكنها تكون أصعب حالا وتأثيرا إذ تأتي خاطفة مفاجئة تسحب الروح وتخلع القلب من مكانه.
لم تخلفنا زينب الخطاطة موسما بعد رحيل أبي، كانت ترى فى زيارتنا واجبا حتى ولو لم تجد ما كانت تحصل عليه بعدما ضاق بالبيت الحال، كانت تقول لأمي :
"بيتكم بيت عز ولو فرغ ماعونه"
تدور فى القرية هنا وهناك، كثيرون من يعتقدون ببركتها، وقدرتها على فهم الغيب ، يستأنسون بحديثها ونبوءاتها التى كثيرا ما تصيب، لاتطلب ولا ترفض ما تجود به قلوبهم وأياديهم عليها.
لم نشعر بانقطاع زينب الخطاطة عنا، ربما لانشغالنا، فقد كنت أسابق الزمن من أجل الحصول على الشهادة، بينما كانت والدتى تجهد نفسها كثيرا من أجل توفير الوقت والمال والجهد لى حتى أنتهي من دراستى الجامعية ، فأكون عونا لها وقادرا على استرداد حقي فى الميراث المسلوب - لعنة الصعيد الأزلية - بعدما حرمهم وجودي شرعا من ميراث أخيهم ، كانوا قد اقتسموا فيما بينهم ميراث الأخ العاقر منذ زمن.
ظهيرة صيف قائظ كانت فيه الشوارع خاوية بينما تتصاعد ألسنة النارمن التراب نحو السماء تشاهد ظلها على حائط ، بخار الأرض العطشى ، كنت قد تخففت من ملابسي وأنا أستلقي تحت مروحة سقف على حسيرة من السعف تفترش الأرض ، لما طرقت بعصاها باب البيت ، عرفتها من أول وهلة برغم ما رسمه العمرعلى وجهها من تاريخ كتمثال فرعوني قديم يقف خلف مسلة تروي كتاب العمر، دققت فيّ النظر ، وهى على ظهر حمارها الضامر ، وأنا أتقدم منها.
: أنت إبراهيم
أرحب بها وأمد يدي حتى تستند علىّ وعكازها ، وهى تنزل عن  حمارها مخضب المؤخرة والذيل ، فتقبل ظهر يدى كعادتها ثلاث ، ثم تستند عليّ وأنا أحمل تليس*[1] حوائجها باليد الأخرى وأدخل الدار، تنادي على أمى التى تخرج مهللة مرحبة بها ، تشعر أن الحياة قد عادت من جديد للبيت ، تذوب حرارة قيظ الصيف، ويدب فى أمي نشاط غيرعادي فقامت تحضر لها غداء ، وماءا بارادا وشايا، وماعونا من سكر وأرز وزيت، بينما تمد يدها فى تليسها فتخرج لي برتقالا ورمانا وبلحا، تمنحني بعضها والباقى فى ماعون أمي ، ثم نجلس حولها وهى تقرأ طالعنا
هذه المرة كررت بإلحاح نبوءتها السابقة
" رحال وسفرك كتيرياولد"
فقلت لها ضاحكا :
"ياخالة أنا مزروع فى هذه البلد "
فنكست نواة مدبرة وقالت
: "قسمة ونصيب "
فانخلع قلب أمي وخبطت على صدرها ، فقالت لها
لاتخافي ياابنتي فلن يصيبه مكروه ، ولكنه كثير التعثر قليل الحظ ،عين تلاحقه وعين تحرصه
ظلت كلماتها تتردد فى أذني أياما ، ولكنها تلاشت مع مرور الوقت، بل إنني مع مرور العمر نسيتها تماما ، وقد تغير الحال فى قريتنا الصغيرة فزاد عدد الناس وتغيرت البيوت الطينية إلى بيوت فخمة ملونة ومزركشة تشرع بلكوناتها فى الشوارع، ويكسو درجاتها وأرضيتها الرخام السراميك، تسمع صوت أغنية تتر المسلسل الشهير من التليفزيونات التى باتت فى كل البيوت ، تتخذ مسافة وأنت تسير تحتها خشية أن تتساقط عليك مياه أجهزة التكييف التى صارت مظهرا من مظاهر الحياة فى قريتنا، التى أطلق عليها المحافظ يوما اسم (القرية النموذجية).
ذبحت أمي سخلة[2] يوم نجاحى بتقدير مقبول فى الكلية، ووزعت لحمها على الغلابة وأُخرى يوم تعيينى فى مدرسة القرية الابتدائية مدرسا، بينما أجّل القاضى الحكم فى قضية الأرض للمرة العاشرة، كانت أمي قد باعت آخر قيراط ورثته عن والدها منذ عام يوم زفافي على ابنة أختها ، لذا كان أمر السفر للإعارة ضروريا ومن الصعب رفضه رغم إلحاح أمي بعدم تركها ووليدى الذى لم يبلغ أياما فى حضن أمه، توسلت كثيرا ، ولكنها وجدت منى فى هذه المرة تصميما مبررا.
" حبال المحاكم فى مصر طويلة ، فإن أردت أن تُضيّع حقا فأدخله بين دفاترالقانون فى المحاكم المصرية" هكذا قال لي كاتب المحكمة ناصحا بقبول نصف ميراثي ، وبرغم رفضها الشديد لهذا العرض قديما إلا أنها دنت مني يوما وقالت : ربنا يبارك لنا فى القليل
أعلم أنها حيلة الأم التي تخشى فقد وحيدها ، ولكنها اليوم فاجأتني ، وكأنما ألقت فى حجري قاربا من ورق عاد بي عبر بحر الذكريات لسنوات طوال قد مضت ، فقالت لي
:" اذهب لزينب الخطاطة وربنا يقدم ما فيه الخير
:ياااااه بعد كل هذا العمر ، آخر مرة طرقت بابنا منذ خمس سنوات تقريبا، ولِمَ لا أذهب لها، إنها أول من تنبأت بالرحيل
لسنوات طويلة وأنا أعتقد كذب ماتقول ، وها هو قد صار واقعا ، أنا حقا فى حاجة للقائها، سفر بعيد أتخطى بلادا وبحارا وأعاشر أغرابا ، كنت أتوق للرحيل يوما ما ، فهل تعودت كحمام البيت على المكوث فى البنّية وأخشى لحظة الطيران
كانت المرة الأولى التى أصعد فيها الجبل حيث تقطن الخالة زينب الخطاطة، لافتة على الطريق الأسفلتي إعتراها الصدأ واعوجاج فى القائم تسبب فى ميلها ، ربما بفعل الريح أو صدمة سيارة كبيرة، مكتوب عليها " نجع العكرمي" وسهم فى اتجاه مجموعة من البيوت الطينية الفقيرة تتخللها بعض مباني الأسمنت البسيطة لايزيد ارتفاعها عن دورين تنحدر أسفل الجبل الكبير.
أسلاك تتدلى من أعمدة كهربائية قصيرة تتلوى فى دروب وانحدارات وارتفاعات مع مسار البيوت المتناثرة هنا وهناك، بينما يبسط النخل المرتفع جريده فى محاذاة برج حمام قديم ومئذنة الجامع وقبة ضريح شيخ مجهول، تغوص مقدمة حذائي فى التراب الناعم فى مدق الطريق عن يمينه صبية يشلحون جلابيبهم الصغيرة فتظهرسيقانهم النحيلة السمراء وهى تلاطم الكرة يمينا ويسارا، فترتسم على وجوههم فرحة مطلية بغبارالفقر، وسمرة قيظ الصيف ، سألت أحدهم فطالعني بعينين لامعتين يعلوها رموش مغبرة ومعمصة
: "إنت عايز ستي "
من الواضح أن بركات الخالة زينب الخطاطة كانت ولاتزال تلاحقني ، فقد تعترث قدمي في حفيدها ، دار بي الطفل الصغير دوربا صغيرة ملتوية بين بيوت وأحواش نصعد تارة ونهبط أخرى ،ونحن نقترب من الجبل شيئا فشيئا ، رمال الأرض حارقة أحس بوهجها، تتناثر كومات من البوص هنا وهناك، تتعثر قدمي فى بعض روث الحيوانات، كتل طينية كبيرة أعتقد أنها كانت يوما مباني تم هدمها، لايزال الصبى يمشى وكأنه يجرني لقدري،
أهمّ وراءه، وفجأة توقف أمام حوش كبيروأشار لي بالدخول، جدران من الطوب اللبن عريضة غير مكتملة وبعضها مهدم أعلى ارتفاع يحاذى كتفي أو يزيد قليلا ، بقايا أعواد الذرة على الأرض، وثلاثة دجاجات وبطة وطلمبة مياة يحوطها حوض كبير، ونخلة معلق بها فلقة نخلة قديمة مشدود عليها سباتة بوص تظلل مصطبة من الطوب اللبن تجلس عليه.
إنها زينب الخطاطة ، لازلت أحفظ ملامحها جيدا مهما غيرها الزمن، الذى حفر أودية جافة فى وجهها ، وشم بدوى أسفل الفم الذي غابت ملامحه وانحسر للداخل مكان الأسنان التى أتى العمر عليها إلا ناب وضرس مكسور، عينان غائرتان، وطرحة سوداء مهترئة يظهرمن فتحاتها المتعددة بقايا شعر تخضبه حناء قديمة ، وذباب يطن هنا وهناك، دنوت منها  :كيف حالك ياخالة
لم ترد، كررت كلامي،شعرت بوجودي لكنها لم ترد، فقط رفعت عينيها ببطء ونظرت في اتجاه الصوت ، ربما يكون نظرها قد راح فرفعت صوتي : فاكرانى ياخالة زينب ؟
ثبتت نظرها تجاهي وكأنها تتفحص ملامحي
من الخارج جاءني صوتها سيدة عشرينية سمراء ترتدي جلبابا مزركش بألوان زاهية تلمع فى الشمس:
: إنها لاتسمع، لكنها تعرفك أكيد طالما رفعت نظرها إليك
مددت يدي أسلم عليها، فتشبثت بي يدها الخشنة الممصوصة بعروق جف الدم منها وقد بدا عظم اليد ، هنا صاحت السيدة الشابة
: كما قلت لك أنها تعرفك جيدا، اجلس معها بعض الوقت فهى تحب أحبابها
ظلت قابضة على يدي تطالعني وكأنها تراجع عمرها، بينما كنت أحس بنوع من الهدوء لايقضه إلا طنين ذباب يتكاثر حولنا قلت لها بصوت عالي
أنا إبراهيم ياخالة ابن الحاج حسين، فاكراني
كانت تهز رأسها وماء يسيل من جفون ذابلة ، وضعت الشابة صينية من النحاس عليها كوب من الشاى شكرتها ووضعت فى يدها بعض الجنيهات ففرحت بها وقالت لي
" اطلب  منها  أن تدعو لك، دعوتها مستجابة"
نظرت لها كانت عيونها متشبثة بملامحى ويسيل منها ماء لايبلغ الخد الناشف قلت لها
: أنا مسافر ياخالة
شعرت بها تقبض على يدي بشدة ، برغم كبر سنها كان عصبها شديد، مامعنى هذا؟ هل له معنى أو إشارة؟
كررت قولي: أنا مسافر إلى الخارج للعمل
مدت يدها لتمسك برأسي وكأنها تقرأ تعويذة ، بجوارها لاتزال الست نوايات، سكنت حركتي كتمت أنفاسى لحظات، هى تمسك برأسى قابضة عليها ، شعرت بحالة دوار ورغبة فى العودة ،من جيب قميصي أخرجت ورقة نقدية ووضعتها فى يدها ، فأمسكت بأطراف يدي ولم تعر نقودى اهتماما ، وراحت فى سبات عميق، لحظات مرت، قالت لي السيدة العشرينية: هى على هذه الحالة تغيب وتحضر
شعرت بسخونة الهواء، كان الظل قد ذاب من أشعة الشمس التى ساحت فى كل مكان حتى طالت جلستى ، قمت من مكاني بجوارها مستأذنا، فمدت يدها كصقر ينقض على فريسته ، وكأنها تحاول أن تبقيني معها، بينما كانت السيدة العشرينية فى دهشة، أمسكت بنواتها الست وخطت ثلاث خطوط ، وألقت بهم، ورفعت عينيها الغائرتين، وهزت رأسها بحركة من اليمين إلى اليسار، وخيط ماء ينساب بين الجفون الغائرة، لحظات كنت قد استخلصت يدي من قبضتها، تاركا ورقة النقود تسقط على الأرض ومضيت ،
أسير فى المدقات والدروب المتعرجة أتلمس طريق عودتي ، عندما وقفت عند اللافتة ذات العمود المعوج أنتظر أى سيارة تقلنى للقرية، تحسست جيبى كان به جواز السفر والتأشيرة، صعدت السيارة الكبوت .
ها أنا فى طريق عودتى أَمر من نفس الطريق أراقب نفس اللافتة ذات العمود المعوج ، وقد تلاشت منه الكلمات والألوان وغطاها الصدأ، كنت فى زيارتى الأولى بعد عودتى من العراق خالي الوفاض ، جئت هنا لزيادة قبر أمى التى رحلت وأنا فى غربتي ولم تجد من يأخذ فيها العزاء .
تمت
القلعة25-10-2000
[1] - هو جوال مصنوع من صوف النعاج
[2] - أنثى الجدى الصغيرة

زائرنا الكريم : رجاءآ لاتنس الاشتراك بقناتنا تشجيعآ لنا لتقديم الافضل وحتى يصلك كل جديد
  
شكرا لك .. الى اللقاء 
*
*
بقلم : كريمة بوعريشة

بقلم : كريمة بوعريشة

مدونة خاصة بالأدب والشعر وفنونه.

  • لاتنس الاعجاب بصفحتنا عبر الفيس بوك لمتابعتة كل جديد وايضا من اجل التواصل معنا بشكل مباشر ومستمر.

    تابع
  • يمكنك الان متابعتنا عبر جوجل بلاس وارسال مقترحاتك وايضا حتى يصلك جميع الموضوعات الحصرية فور نشرها.

    تابع
  • تواصل دائما مع اصدقاء يشاركونك نفس الاهتمامات وذلك من خلال متابعة صفحتنا الرسمية عبر تويتر.

    تابع
  • يسعدنا أن تكون احد افراد عائلة ومحبى قناة رؤيا للمعلوميات وذلك عن طريق الاشتراك فى قناتنا على اليوتيوب.

    تابع

مدونة مجلة نبضات عربية ترحب بكل زوارها وتتمنى أن تضعوا رأيكم حول كلماتها المتواضعة ,

جميع الحقوق محفوظة

مجلة نبضات عربية

2018