بوعريشة كريمة

استيقظ أهالي قريتي على غيرعادتهم منذ أن دخل الإنترنت قريتنا، وقد تحولت صفحات الفيس وغرف الدردشة والشات إلى ساحات للنقاش الليلي الممتد حتى ارتطام أشعة الشمس بزجاج النوافذ الألمونتال التى زينت مكعبات ومربعات الأسمنت التى نقطنها
حقيقة إنه يوم غير عادي فى حياة قريتنا، والاستعداد له على قدم وساق منذ أسابيع، ربما لأنني استيقظت متأخرا كعادتي أشعر بغرابة الأمر ، الناس فى همة ونشاط ، منذ هبوب نسمة الصباح البحرية، كلٌ يعرف واجبه وعمله.
فقد تم توزيع كل المهام والتكليفات فى اجتماع أول أمس بمندرة العمدة حسان، بل ولاعجب لو قلت أن أناس من قريتنا وقرى أخرى مجاورة باتوا ليلتهم فى بعض الأعمال الهامة والتي تحتاج لوقت أكبر فى التجهيز والترتيب.
أصحاب الجرارات الزراعية قاموا بتعبيد الطرق بعد أن زودوها بالأدوات اللازمة لذلك، بينما قام سائقو سيارات النقل بفرش الطرق المعبدة بالرمل الأصفر الناعم، تغوص فيه أرجل الصبية الصغارالذين بكروا يلعبون ويتمرمغون فى الرمل البارد فى هذا الصباح الساخن من أيام بؤنة، عمال المجلس القروي يقومون بوضع قساري كبيرة بها أشجار قصيرة ذات أوراق عريضة .
شاهدت عم عبد المتجلى جارنا فى قطعة الأرض والذى يمتلك سبعة قراريط بور فى الجهة القبلية من الطريق الزراعي، يسعى لبيعهم مباني، قال لى يوما: إن آخر سعر وصل له مليونان ونصف المليون جنيه ، لكنه رفض ويبغي المزيد ، لأول مرة أعرف أنه موظف فى المجلس القروى عامل نظافة، كان منظره غريبا وهو يرتدى العفريته الزيتية ، ويعمل بجد وإخلاص مع عمال المجلس القروي
صاحب الفراشة الذى أتى من المدينة يتابع عماله، الذين باتوا ليلتهم وهم ينصبون عروق الخشب فى مستطيل كبير على مساحة الفسحة أمام المندرة، وبطول الشارع حتى أرض أولاد سعفان أبو الليل، التى تمتدحتى أول طريق الجبانة، كنا صغارا ، وهم يحكون لنا عن قصص سعفان أبو الليل أحد المطاريد والذى لزم الجبل الشرقي سنوات قبل أن ينزل بعياله فى أول سبعينات القرن الماضي، وقد استعان به جد العمدة حسان ليكسر شوكة أبناء عمه المطالبين بدم أبيهم، فمنحه أرضا وبيتا، فتكاثر كذباب أزرق وتمدد فى سنوات الهزيمة، حتى صار نصف القرية أو أكثر.
كانت نصبة الشاي عند مدخل حاصل قديم فى دار العمدة، لاأدرى سببا لهذا الطنين الذى يفرد أمام ناظرى كتاب التاريخ والحكايات القديمة، فكلما مررت بمكان وكأننى أكتشف لأول مرة قريتي شوارعها ، بيوتها، أشخاصها
تقول الرواية إن الحاصل القديم كانت تخزن فيه أجران الفول والقمح بعد جمعها، لكنه إبان عهد جد العمدة حسان استخدم كسلاحليك للغفراء وتأديب الخارجين، وهو نفس المكان الذى وجدوا فيه سعفان أبو الليل مذبوحا ولم يستدل على الفاعل حتى الحين.
حركة غريبة فى الحوش الغربى التابع لدار مرزوق أبو غباين، الدار مهجورة منذ سنوات بعد أن استقر محمد ابن عم مرزوق بالقاهرة حيث يعمل صحفيا فى جريدة الأهرام، كان باب الحوش مفتوحا مما استدعى النظر، نفرٌ من أهالي القرية أعرفهم جيدا، عم شعبان الجزار وابنه متولى وابن أخيه حسين ومحروس الحلاق وعاشور التربى، وحجاج أبوزايد الدلال ، وأمامهم أكوام اللحم المقطع ، و قد أعدوا الحلل الكبيرة مملوءة للنصف بماء يغلى على كانون كبير بعرض مخول البقر والحمير،
تم تمرير ماسورة غاز من أسفله بها شعل متعددة، يقوم عاشور التربي برمى قطع البصل بعد أن قّشرها حجاج أبوزايد ، ثم يقوم محروس بوضع اللحم وتوزيعه بين الحلل ، كان حشاش بن حجاج أبو زايد مشغولا بنقل أحشاء الذبائح لبيتهم على حمار يقف أمام عتبة الحوش،جوال مخضب اللون تبظ منه عظمتان فتظهر قطع اللحم التى يخفيها فى أجولة الأحشاء قبل تهريبها للبيت.
انسحبت بهدوء فقد كانوا مشغولين وخشيت أن يكلفني أحدهم بأى عمل، أو يكتشف حشاش  أنى رأيته ، كانت مهمتى فى هذه الليلة محددة كما وزعها علينا العمدة حسان ، الوقوف بأفخرالثياب أوعلى حد قوله (ما على الحبل) ونكون فى استقبال ضيوف القرية الكبارعند مدخل المندرة .
فى الشوارع الرئيسية كانت اليفط قد وضعت على حوامل من عروق الخشب الملفوفة بقماش مزين مكتوب عليها بخط جميل ترحيبا بابن القرية وضيوفه الكبار، كانوا قد ارسلوا بها لحليم الخطاط فى القرية المجاورة ليكتبها ، نسيت أن أقول لكم إن كل هذه الاستعدادات فى قريتنا الصغيرة كانت بسبب زيارة سيادة اللواء وزير القوى العاملة الذى رشحه الحزب الحاكم عن دائرتنا.
قد يعتقد القراء أننى أبالغ فيما أقول وأن الحدث شىء عادي لا يستدعي كل هذا السرد ، ولكن إن أدركوا ما فى الأمر من أهمية ، وما جعله يخرج عن نطاق الانتخابات المعتادة  ، والتى- فى الغالب - لا تفيدنا بشيء إن نجح فلان أو علان، أن هذه المرة ، ولأول مرة ، فقد اكتشف  نسابو قريتنا ، وشيوخها الكبار أنه بعد البحث والتنقيب فى جرود العائلات وأنساب القرية :أن سيادة اللواء الوزيرالضيف المرشح هو ابن عم حسنين أفندي ناظر العزبة التى كانت تتبع قريتنا لزمامها أيام الملك.
دارت فى قريتنا حكاوي كثيرة وكبيرة عن حسنين أفندي وأفضاله على القرية كلها ، تروح وتجيء الحكايات والرويات عن الماضي الجميل، زمن أن كان رطل اللحم بقرش صاغ ، وقنطار القطن بخمسين قرش، تداخلت الروايات من يعرف ومن لايعرف الكل يرورى ونحن نسمع عن هذا الزمن الذى لم نعشه ، كأنه جنة الله فى الأرض وياليتنا كنا ولدنا فى هذا الزمن الجميل الذى كانت تسوده الأخلاق والمحبة والخشا والحياء، كانت كسرة خبز وملح وفحل بصل أفضل من كيلو لحم ، كان الفلاح ينام من المغرب ليستيقظ عند الفجر يرعى أرضه، كان الكبير كبيرا والصغيرصغيرا، لم تتلوث أخلاق الناس وضمائرهم، بسبب التليفزيونات والتليفونات والدش والكمبيوتر والإنترنت.
تلك المَدنيّة اللعينة، لِمَ يارب لم تخلقنا فى هذا الزمن،،،
أى ذنب ارتكبناه حتى نعانى فى هذه الأرض ، لِمَ لمْ تدخلنا جنتك هذه التى يروون عنها، لكن الغريب فى الأمر أن كل الرويات كانت مخالفة تماما لكل مادرسناه فى الكتب ، وأفلام ومسلسلات: رد قلبي والقاهرة30 ،والوسية وجمهورية زفتي ، كونه زمنا للظلم والقهرو الاستعباد ، وفساد الملك وأعوانه والإقطاع والإقطاعيين.
كتب لى صديقي عبد المقصود الرموزى : أصدقت أفلام عبد الناصر هذه.
اعترض عليه صديقنا اليساري:عبدالناصر من حرّرك وعلمك ومنح أباك الأرض وجعل لك فى بلدك كرامة
رد عليه موسى الطروشي:عبد الناصر مات وترك البلد تعانى الهزيمة والانكسار، وتسلط حفنة من أتباعه فى شئون البلاد
زادت سخونة الحوارالذى امتد لساعات متأخرة من الليل على الشات، وقد حقق (البوست ) أعلى نسبة مشاهدة من شباب القرية ، فيديوهات لخطب ولقاءات عبد الناصر والسادات ، ومقاطع من أفلام ومسلسلات، وأغاني لعبد الحليم، وخطب لكشك ، كل فريق يحاول أن يثبت وجهة نظره ، ويتفوق على الفريق الآخر متهما إياه بالجهل والتضليل، حتى وصلنا للعمالة والتخوين وكالعادة مع مطلع الفجر انسحبنا واحدا تلو الآخر حتى نخطف من النوم ساعات قليلة قبل الدخول فى معترك هذا اليوم المشهود فى قريتنا الصغيرة.
قرر ناظر المدرسة الابتدائية شوقى أبو مرقة اعتبار اليوم نصف يوم دراسي وصرف الطلاب من الفسحة ، حتى يتفرغ مدرسو اللغة العربية والخطابة فى وضع وترتيب خطب وكلمات المؤتمر الكبير، وتجهّز شعراء قريتنا لإلقاء قصائدهم العصماء، كما العادة فى المناسبات الكبرى مثل المولد النبوى وسهرات رمضان، بينما وضعت لافتة كبيرة على سور المدرسة الخارجي للترحيب بابن البلد وأحد تلاميذ المدرسة النابغين ، فقد أكد ناظر المدرسة أنه درّس للوزير، وقد كان أول دفعة تخرجت من المدرسة وكان متفوقا ونابغة ، وبالرغم من عدم صحة هذه الرواية بحكم المنطق والتاريخ، إلا أن أحدا فى المدرسة لايستطيع أن يرد لحضرة الناظر رأيا قد أجمعت عليه القرية كلها .
فى الطريق المؤدي للجبل كان فرسان القرية قد نصبو المرماح لتجهيز خيولهم لاستقبال السيد اللواء الوزير وتقديم عرض يظهرون فيه على أنغام المزمار والطبول مهاراتهم منقطعة النظير ، وقد حضر الزمارون من المدينة ، ومعهم منشد الليلة الشيخ محمد الكلحي، الذى لاتفوته فى قريتنا مناسبة إلا وينشد فينا البردة كاملة وبعض أشعاره ، كان يُذكرنى بالشيخ إمام فى هيئته ، كان ضريرا، يصطحبه حفيده يدور به فى كل البلاد والنواحي ،يحفظ مواعيد وتواريخ الموالد والمناسبات، وعودة الحجاج، وليالى الذكر والطهور.
قبل أذان الظهر أخذت عجلة ابن أختى وذهبت مسرعا قبل القيلولة لأحضر الجرائد اليومية، فقد كان ذلك من المهام الموكلة إلى فى هذا اليوم بحكم أننى أطالع يوميا كل الجرائد بحثا عن عمل، فقد دفع لى العمدة عشرين جنيها من ميزانية الحفل لاقتناء جميع الجرائد والمجلات التى ستتناول خبر حضور السيد الوزير لقريتنا، فقد وعده محمد ابن عم مرزوق الصحفى الكبير بأنه سيجعل خبر الزيارة فى جميع صحف مصر الصادرة اليوم .
عدت بعد أذان الظهر من عند عم على بتاع الجرائد التى وصلت متأخرة اليوم للمدينة ، وترددت أنباء أن سبب تأخيرها تغيير حدث فى حركة القطارات بسبب زيادة السيد الوزير لقريتنا، وأكد آخرون أنهم سمعوا أن سبب تأخر طباعة الجرائد فى مصر المحروسة أصلا كان بسبب إدراج خبر الزيارة المرتقبة ، بينما قال البعض إن هناك قرارات مهمة لم تصدر بعد كانت سببا فى تأخيرالطباعة، على كل حال فقد وصلت الجرائد، وقد وضعت قريتنا الصغيرة على الخريطة وصارت موضع اهتمام وحديث الجميع، وكأن العالم توقف من حولها.
: صحيح  يا ولاد من له ظهر فى هذه البلد لايضرب على بطنه .
هكذا سمعتهم يقولون ويتقولون أهالى من قريتنا ومن قرى مجاورة عند بائع الجرائد، ظللت أتذكر وأحلل كل كلمة فى طريق عودتى لتناول الغداء الذى أعده العمدة لكل شباب ورجال القرية المشاركين فى الفاعلية الكبرى ، ولاتزال التعليقات والأسئلة تنهال على البوست العالق بصفحتى
هل كان على ابن الريس عبد الواحد من الممكن أن يصير ضابطا فى الجيش ، وأحد الموكلين بتنفيذ قرار التأميم على ممتلكات الباشا والد إنجى لولا وساطتها له؟
لقد دفعها الحب لذلك، لكن هل كان لهذا الحب أن يصل لهذه النهاية؟ لولا تغييرا حدث فى هذا المجتمع فتحول ابن الجناينى إلى صاحب أمر وسلطة، وتزوج بنت الباشا التى أحبته
السؤال الذى لم أجد له إجابة وقد دخلت مشارف القرية:
و من ذا الذى أطلق على الابن الثانى لعبد الواحد الجناينى هذا البطل الجميل، لقب الباشا فى قسم البوليس ؟
: الله يرحم أبوك لم يكن يأكل إلا الضأن
هكذا قالها عم عاشور التربي وهو يدس فى يدي قطعة لحم كبيرة محمرة من الضأن ، وهو يوزع منابات اللحم على السفرة الطويلة الممتدة بعرض مندرة العمدة حسان ، بينما كان عن يمينى العم فراج الدرج والذى تمسك بلية الخروف، ظل يلتهمها وهو يغمسها فى الملاحة المخلوط بها الفلفل الأسود بالملح ، ليعطي مذاقا غير عادى للحم الضأن أو ليته.
ذكر تقرير مستشفى قنا العام أن سبب وفاة منسي أبو غبان ارتفاع نسبة الكوليسترول فى الدم بسبب أنه كان مفرطا فى أكل لحم الضأن وتدخين الشيشة، هكذا قال من حضروا الواقعة ، بينما كشفت دراسات غير معلومة المصدر على مؤشر البحث إن لاعلاقة للحم الضأن بارتفاع نسبة الكوليسترول فى الدم ، بل هو واحد من أهم وأفضل اللحوم على مستوى العالم ، كما جاء فى رد الشيخ أبو مصعب :لو كان لحم الضأن فيه عيب لما نزل به جبريل ليفتدي به إسماعيل ، مؤكدا أن لحم الضأن هو طعام أهل الجنة.
أذكر أننى فى تلك الليلة قرأت حوالى سبعين بحثا تم تنزيلهم من مؤشر البحث ، لكن كانت تتناقض فى كثير من الأمور مما جعل ردود البوستات مختلفا جدا، لكن ما هو جدير بالملاحظة أن البوست استطاع أن يحصد هذه المرة ألفا وسبعمائة تعليق ، وثمانين مشاركة، وألفى إعجاب.
الجميع على الدكك المرصوصة بطول وعرض الفسحة وقد افترشها العمال، بعد أن قاموا بعمل بوابة كبيرة من الزينة أمام مدخل المندرة، وزعت المراوح ذات الأعمدة هنا وهناك، وعُلقت فى عروق خشب الفراشة مراوح سقف أخرى ، عناقيد لمبات الزينة والكشافات التى تنتظرالمساء ، دارت أكواب الشاى والسجائر والجوزة على الحضور لمن يشرب ، البعض لايزال يتحدث عن تاريخ عائلة حسنين أفندى، والبعض غط فى نوم القيلولة على هواء المراوح التى تناثرت هنا وهناك.
كان صوت الميكرفون عاليا جدا ، وبه زنة مزعجة وقت أن بدأ عم رجب الكهربائي يجربه ثم أطلق أذان العصر، و كان ذلك إيذانا للجميع أن يفيقوا فقد حان الوقت الذى ينتظرونه ويعدون له من أيام، وقد وردت الأخبار أن السيد الوزير والوفد المرافق له، سيكونون بالقرية قبل أذان المغرب.
أصبح الجميع على أهبة الاستعداد، وقد خرج للتو وفدٌ كبير من أكابر القرية يتقدمهم العمدة حسان بكل السيارات الملاكي والأجرة التى بالقرية يسبقهم شباب الخيالة بالقرية والزمارون ليكونوا فى استقبال الضيف الكبير عند مدخل المدينة، وقد علت الهمهمات وارتفع سقف الأمنيات فى قريتنا ، وكثرت الأقاويل، عن مفاجآت السيد الوزير لقريتنا التى فهو أحد أبنائها ، ولن يبخل عنها بشىء، فمنهم من قال إنه يحمل فى جيبه قرارا بتعيين جميع شباب القرية فى الحكومة، وآخر تحدث أنه سوف يصطحب معه لفيف من الوزراء مثل وزير الصناعة والتموين والداخلية.
إن ما يحدث اليوم فى قريتنا لهو حدث تاريخى، سيغير مجرى حياة البشر على أرض تلك الفرية المنسية فى حضن الجبل فى أقصى الجنوب ، بات الجميع فى تحفز للقاء، كل من له طلب كتبه، وبيته فى جيبه حتى اللحظة المنتظرة ، وقت أن ينهى خطابه على المنصة ووعده لهم بحل جميع المشاكل ، وأنه مستعد لاستقبال أى صاحب شكوى أو مشكلة فى مكتبي، فبيتي ومكتبي مفتوح لكم ، هى الجمل التى تعودنا عليها منذ سنوات ، من كل الذين تقدموا للترشح فى الانتخابات سابقا ، سواء من نجح منهم ومن لم ينحج ، لكن هذه المرة مختلفة تماما، إنه ابن حسنين أفندى ابن قريتنا الذى صار وزيرا وجاء يلبى طلبات وخدمات أهله ، بل إنه على بن عبد الواحد الجناينى ومعه الأميرة إنجى
إنها الفرصة الكبرى، حدث لن يتكرر مرة أخرى وعلى الجميع تحقيق أكبر قدر من الاستفادة منه ، إن تأشيرة وزير من هؤلاء الوزراء على أى ورقة ستفتح لك أبواب الجنة ، فهذا يطلب عملا، وذاك يطلب نقلا، وذا موافقة، وتلك علاجا ، وعمرة ، وحجا، تعددت الأمنيات والرجاءات ، وقد اشتعلت المصابيح هنا وهناك بطول الفسحة وعرضها، وامتداد الشارع المؤدى لها حتى الطريق الرئيسى لمدخل القرية.
ارتدى الرجال أفضل الجلابيب الصوف ولفوا الشال المزهر والعمة، وبعض الشباب و المدرسين والموظفين ممن سيكون لهم دور على المنصة فضلوا أن يلبسوا بدلا وكرفاتات كانوا قد اشتروها منذ أيام من المحافظة.
انزويت فى حجرة صغيرة بالمندرة أرتب الجرائد والمجلات التى كنت قد أحضرتها وأتسلى فيها حتى يصل الحضور، كانت معظم المانشتات تتحدث عن المعركة الانتخابية الطاحنة الذى يخوضها الحزب الحاكم، ومرشحوه من الوزراء ورجال الأعمال، وسط سخط وغضب المعارضة بينما تحدثت بعض المقالات عن ضرب من تحت الحزام لبعض المقاعد ، حتى تلك التى يشغلها بعض الوزرء وأتباع النظام لحسابات أخرى، وأن هناك قرارات جديدة للجنة الانتخابات عن توزيع الدوائر.
كان خبر زيارة سيادة الوزير والوفد المرافق لقريتنا موجودا فى أغلب تلك الجرائد فى صفحتها الأخيرة ، شعرت بأن وقتا كبيرا قد مر وأنا أقلب فى صفحات الجرائد، فخرجت من المندرة، كان الجميع وقوفا فى انتظارالموكب الذى تأخر كثيرا ، جاءت الأخبار متناثرة عن التأخير، ثم التأجيل ، ثم الاعتذار، عرفنا بعدها أن قرارات لجنة الانتخابات قد عدلت من وضع دائرة السيد الوزير، فخرجت قريتنا من نطاقها ، ولهذا فقد اعتذر السيد الوزير ابن قريتنا الهمام عن الحضور.
تمت      القاهرة20/6/2014

زائرنا الكريم : رجاءآ لاتنس الاشتراك بقناتنا تشجيعآ لنا لتقديم الافضل وحتى يصلك كل جديد

  

شكرا لك .. الى اللقاء 

*

*